إذا قام أحدهم بسرقة سيارتك وبعد 15 عام وجدت شخصًا ما يقودها في الشارع، هل ستقوم بملاحقته قضائيًا لتستعيدها؟، في أغلب الأحوال لا، ربما لن تنتبه لهذا الأمر بعد كل هذه السنوات، ولكن ليس هذا هو الحال في قصتنا اليوم.
أمام محكمة ولاية ويسكونسن بالولايات المتحدة يوجد طرفان متنازعان على أحقية امتلاك تحفة فرنسية نادرة تم سرقتها من مرآب سيارات في مدينة ميلووكي، والآن السيارة تم احتجازها في الساحل الشرقي بعد محاولة تصدير مشبوهة.
القصة من بدايتها ترجع إلى عام 2001، حين اقتحم لصوص مصنع مونارك للمنتجات البلاستيكية وهو مصنع قديم يقع على الجانب الشرقي من مدينة ميلووكي وسرقوا سيارة رياضية فرنسية مفككة حاول صاحبها المسن ترميمها منذ عام 1967.
جينها كاد روي ليسك مالك السيارة أن يفقد عقله، حيث أنه لم يكن سطوًا عاديًا فقد قام أحدهم بقطع خطوط الهاتف في منزله في تلك الليلة، وكانت أجزاء السيارة وأوراقها مخبأة ومخزّنة في أجزاء مختلفة من المبنى لكنها اختفت جميعًا ولم يُؤخذ أي شيء آخر.
الغريب أن اللصوص دخلوا وخرجوا وقاموا بشحن القطع بشكل طبيعي حتى أن الجيران لاحظوهم وظنوا أن ليسك قد باع سيارته العتيقة أخيرًا.
والتحفة الفرنسية التي نتحدث عنها هنا هي تالبوت لاجو T150C كوبيه موديل 1938، والتي تم إنتاج أقل من 24 نسخة منها، وتم صناعتها يدويًا في فرنسا، وأطُلق عليها لقب “أجمل سيارة على الإطلاق”، وفازت بالعديد من الجوائز.
ليسك وهو مليونير عصامي، قام بشراء السيارة مقطعة في 1967 بحوالي 10,000 دولار أمريكي، ما يعادل 37,500 ريال سعودي، وبعد أن اكتشف السرقة، طلب من الشرطة أن تُبقي تحقيقاتهم بشكل سري، حتى يتمكن من التواصل مع جامعي السيارات الدوليين لربما يجدها.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الشرطة، ومكتب التحقيقات الفدرالي والإنتربول، إلا أن الكوبيه لم تظهر حتى تُوفي ليسك عام 2005 عن عمر يناهز 93 عامًا، والذي أوصى بكامل ثروته بما في ذلك السيارة المفقودة إلى ابن عمه ريتشارد مولر.
وبعد سنوات من وفاة ليسك، سمع جوزيف إل فورد، وهو مهندس معماري ومحامي وبائع سيارات كلاسيكية سابق من ولاية فلوريدا، عن تابلوت المفقودة وكان حينها يسعى إلى استعادة فيراري نادرة مسروقة في أوروبا.
تواصل فورد مع مولر واتفقوا على ملاحقة السيارة، رغم كون هذه المهمة خطيرة حيث أنهم يتعاملون مع لصوص دوليين، وجهودهم المستمرة آتت ثمارها، وفي 2016 قام أحدهم بمحاولة لتسجيل تالبوت مرممة بشكل كامل لدى السلطات المحلية بولاية كاليفورنيا.
ولأن ليسك كان قد أقنع المسؤولين بالاحتفاظ بسيارته في قاعدة بيانات السيارات المسروقة بعد فترة العشر سنوات المعتادة، فقد حصل مسؤولو الولاية على تنبيه وقاموا بالتواصل مع شرطة ميلووكي، والتي أوصت بعدم تسجيل السيارة، ثم اتصلت بمولر لتنبيهه بالمستجدات.
طلب مولر وفورد السيارة من المشتري الأخير، والذي دفع ما يقرب من 7 ملايين دولار أمريكي (26.25 مليون ريال سعودي) حين اشتراها من وسيط أوروبي في 2015، لذلك أعتبر المالك الجديد أن صفقته كانت مشروعة ورفض إعادة السيارة.
وفي فبراير 2017 لجأ مولر للقضاء، ولكن الغريب في الأمر أن مولر أعترف أنه قد يكون ساعد بشكل غير مقصود في شحن قطع السيارة إلى أوربا بأوراق مزورة تحمل توقيعه، حيث أنه بعد عام من وفاة ليسك، ظهر أحدهم وطلب شراء بعض القطع التى أحتفظ ليسك كقطع غيار محتمله لسيارته العتيقة عندما يتم ترميمها، ووافق مولر ووقع على فاتورة البيع، وهو ما قد يسبب مشاكل لمولر في هذه القضية.