سعودي أوتو / خاص :
ربما تكون تويوتا أعظم شركة سيارات عرفها العالم على الإطلاق. في البداية، كانت شركة تويوتا التي تديرها العائلة صانعة لآلات النسيج في اليابان، ثم تحولت إلى صناعة السيارات في الثلاثينيات. لقد تغلبت الشركة الناشئة المبتكرة على الصعاب الطويلة واحترفت صناعة راسخة وقاسية وكثيفة رأس المال.
نجحت تويوتا في اجتياز آثار الحرب العالمية الثانية ، ودخلت السوق الأمريكية في عام 1958 بسيارة السيدان Crown وبعد أن ظلت كامنة لعقود من الزمن، تغلبت تويوتا في نهاية المطاف على عمالقة الغرب لتصبح أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم. اكتسبت العلامة التجارية سمعة طيبة من حيث الموثوقية والمتانة والقدرة الخارقة على قراءة الأسواق ، وتبني استراتيجيات طويلة المدى.
بريوس وبدايات تويوتا مع الكهرباء 1997
ورغم أن تويوتا كانت مبدعة بحذر، فقد أنتجت أو ل سيارة هجينة على نطاق واسع، وهي سيارة بريوس، التي طُرحت للبيع في اليابان في عام 1997.
من الغريب أن شركة TOYOTA، ومع سجلها الحافل من الإنجازات، كانت بطيئة في تبني السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية، في حين يصر الساسة في مختلف أنحاء العالم على استحواذها بالكامل على السوق، وتستعد شركات صناعة السيارات الأخرى لذلك.
لسنوات، كان النقاد في البورصات المهووسة بالمال والمدافعين عن البيئة الذين نفد صبرهم يوجهون اللوم الشديد لشركة تويوتا لفشلها في تقديم سيارات كهربائية بالكامل عبر مجموعتها. تم إطلاق سيارة BEV التي طال انتظارها من تويوتا، وهي سيارة الكروس أوفر bZ4X ، في عام 2022 ولكنها لم تفعل الكثير لتهدئة المنتقدين.
أكيو تويودا ودور الأب الروحي لتويوتا
في وقت سابق من العام الماضي، استقال أكيو تويودا – حفيد المؤسس كيشيرو تويودا وابن شويتشيرو تويودا، الذي قاد الشركة منذ عام 1952 إلى نجاحها الكبير على المسرح العالمي – من منصبه كرئيس تنفيذي ورئيس لشركة تويوتا، وظل رئيسًا لمجلس الإدارة. وحل محله كوجي ساتو، كبير المهندسين ورئيس شركة لكزس سابقًا. كان يُنظر إلى إعادة تعيين أكيو تويودا، الذي يمكن أن تفسر شكوكه الصريحة بشأن السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية، العروض الباهتة التي تقدمها الشركة للسيارات الكهربائية بالكامل، على أنها علامة على تحول كبير في الشركة.
كوجي ساتو : الزعامة العصرية لامبراطورية تويوتا
بعد صعود كوجي ساتو ، عززت العديد من التصريحات هذا السرد، بما في ذلك الالتزام المتجدد بالكهرباء، مع إطلاق 10 سيارات كهربائية جديدة بحلول عام 2026. وقد تجاوز مهندسو TOYOTA سيارة تيسلا موديل Y وفاجأوا أنفسهم بتعلم الكثير عن كيفية بناء سيارة بشكل أفضل وأكثر سهولة . لقد أشادوا بـ “Giga casting” عالي الضغط الذي تستخدمه تسلا لقطع الهيكل الكبيرة. تعمل هذه العملية على تقليل عدد الأجزاء المصبوبة بشكل فردي، مما يعزز مجموعات السيارة ويتيح استخدام مجموعات البطاريات الهيكلية كأرضيات.
اعترف يوشيو ناكامورا، نائب رئيس الإنتاج العالمي، في شهر يونيو لمجلة أوتوموتيف نيوز : “بالطبع، نحن نعترف بأن شركة تسلا تمتلك تكنولوجيا رائعة – لكن هذا يحفزنا على العمل بجدية أكبر للحاق بالركب. إذا أردنا أن نتعلم منهم، فلن تكون نسخة، وسوف نقوم بتحسينها من خلال ” كايزن” ، وهو المصطلح الياباني لفلسفة العمل المتمثلة في التحسين المستمر.
تويوتا وبطاريات الحالة الصلبة
كشفت TOYOTA عن إنجاز كبير في أبحاثها حول بطاريات الحالة الصلبة، وهي تقنية تم الترويج لها منذ فترة طويلة ولكنها لم تكتمل على الإطلاق، والتي تعرض خفض وزن البطاريات وحجمها وتكلفتها إلى النصف في نهاية المطاف. باستخدام إلكتروليت صلب بدلاً من سائل، تعتقد TOYOTA أنها وجدت طريقة لزيادة المدى المحتمل إلى أكثر من 1126 كلم ، مع تقليل الوقت اللازم لإعادة الشحن بشكل كبير – كيف تبدو 10 دقائق؟ أشياء تغير قواعد اللعبة إذا كان هذا صحيحًا. ومع ذلك، لا تزال العديد من الأسئلة دون إجابة !
لكن هذا الإعلان أدى إلى ارتفاع سعر أسهم TOYOTA ، علما بأن القيمة السوقية لشركة TOYOTA، وجميع شركات صناعة السيارات القديمة، تخلف شركة حديثة مثل تيسلا، التي تبلغ قيمتها على الورق حوالي ثلاثة أضعاف قيمة TOYOTA ، على الرغم من بيع العملاق الياباني 10.5 مليون سيارة في عام 2022 مقابل 1.3 مليون سيارة تسلا، لأن سوق الأوراق المالية تقدر الهوامش قبل كل شيء حيث أن (أرباح شركة تيسلا من كل سيارة تفوق بكثير أرباح الشركات المصنعة الأخرى) .
قفزة سهم تويوتا تجاوزت القيمة السوقية الكاملة لشركة GM
وهكذا، بعد إعلان TOYOTA عن الحالة الصلبة ووعدها بمضاعفة إنتاجها من المركبات الكهربائية، تم تداول أسهمها عند مستوى مرتفع بلغ 195.65 دولارًا في سبتمبر2023 ، مقارنة ب 153.38 دولارًا في يونيو، في حين أن القيمة السوقية للشركة، والتي بلغت حوالي 181 مليار دولار في وقت صعود ساتو في أبريل 2023 ، وصلت إلى 255 مليار دولار في سبتمبر 2023 ، وعلى الرغم من أن السوق لا تزال تشعر بالبهجة تجاه شركة تسلا، إلا أن مثل هذه القيمة المتزايدة ليست شيئًا يمكن التغاضي عنه، خاصة لو علمنا أن قفزة سهم TOYOTA في صيف 2023 وحدها تجاوزت القيمة السوقية الكاملة لشركة جنرال موتورز.
يفترض معظم الناس أن الإعلان المهم عن البطاريات سوف يبشر باختراق إنتاجي، حيث من المفهوم على نطاق واسع أن قضايا التصنيع واسعة النطاق تقف في طريق الجدوى التجارية لتكنولوجيا الحالة الصلبة. لكن تحفظ تويوتا لاحقاً في مناقشة التكنولوجيا دفع الكثيرين إلى التساؤل: ما هو الاكتشاف وما حجمه؟ هل كان هذا هو الإنجاز الهائل الذي كانت تنتظره صناعة السيارات الكهربائية؟
ماذا يحدث وراء الستار في تويوتا.. ؟
بالمثل، هل تغيرت الأمور حقاً فيما يتعلق بتويوتا؟ سنلاحظ أنه في نفس الوقت الذي تخلى فيه أكيو تويودا عن ألقابه كرئيس تنفيذي ورئيس، تم ترقيته إلى رئيس مجلس إدارة الشركة. وما لم يكن ذلك دورًا شرفيًا نوعًا ما، فقد يفترض المرء أن الرئيس يحتفظ بسلطة كبيرة. عندما أعادت شركة تويوتا صياغة نفسها فجأة باعتبارها “شركة نقل” بدلاً من شركة سيارات، فهل كان ذلك تغييراً صادقاً أم محاولة متأخرة للأسواق؟
أيلون ماسك “الياباني”
أشارت العديد من مواقع السيارات الكهربائية إلى أن تويوتا أصدرت تصريحات مماثلة حول بطاريات الحالة الصلبة والتي ثبت أنها سابقة لأوانها، وتوقعت في عام 2014 طرحها على نطاق واسع في عام 2021، ثم مرة أخرى في عام 2017 لإطلاقها في عام 2022، ثم في عام 2025. واليوم، يتم الوعد بالتكنولوجيا بشكل مختلف في عام 2027 أو 2028. “كم من ” إيلون ماسك ” بشركة تويوتا – هكذا سخر البعض .. !
استراتيجية تويوتا للتحول الكهربائي
ومن المثير للاهتمام أن استراتيجية TOYOTA الجديدة كشفت الغطاء عن رياح معاكسة لتويوتا، حين تم الكشف عن أن مجموعة من المساهمين في TOYOTA – بما في ذلك نظام تقاعد الموظفين العموميين في كاليفورنيا، ومكتب المراقب المالي لمدينة نيويورك، وشركتين استشاريتين رائدتين بالوكالة، بالإضافة إلى العديد من مديري الأموال الأوروبيين – قد صوتوا فعليا على الاستغناء عن الرئيس التنفيذي السابق ” تويودا”من مجلس الإدارة بسبب فشل الشركة في تحديد موعد للتحول إلى السيارات الكهربائية بالكامل.
تدعي تويوتا أن السيارات الكهربائية يجب أن تشكل حوالي ثلث إنتاجها بحلول عام 2030. وبالنسبة للبعض، هذا ليس كافيا، بل وتصنف منظمة السلام الأخضر شركة TOYOTA في المرتبة الأخيرة بين شركات صناعة السيارات العالمية في جهود إزالة الكربون.
الصين وقيادة التحول العالمي باتجاه السيارات الكهربائية
ومن خلال قوة الحجم الهائلة، تقود الصين العالم في إنتاج السيارات الكهربائية، وتسيطر على جزء كبير من سلسلة التوريد لإنتاج البطاريات، وقد تفوقت مؤخرا على اليابان باعتبارها المصدر الرئيسي للسيارات على مستوى العالم. من خلال الفشل في الاستثمار بشكل أكثر قوة في مجال السيارات الكهربائية، تخاطر شركة TOYOTA بخسارة الأرباح، كما يشير بعض النقاد.
السؤال الأهم : ما حقيقة تويوتا؟
تؤثر الضغوط الخارجية بشكل كبير على الموقف العام لشركة TOYOTA، وهناك أيضًا سبب وجيه للاعتقاد بأنه لم يتغير الكثير بداخلها بعد التغيير التنفيذي لقمة هرم الإدارة بها ، وأن TOYOTA لا تزال ترى السيارات الكهربائية مجرد خطوة واحدة على طريق أطول بكثير نحو مستقبل أخضر. هذا يفسر بوضوح سياسات TOYOTA الحقيقية – وتحفظها في التوجه نحو شواطيء السيارات الكهربائية بالكامل ، مع التلويح في نفس الوقت بقرب التحول نحو العالم الأخضر .
GM وفورد على طريق تويوتا
تظهر نظرة متأنية أن خطط السيارات الكهربائية التي يستخدمها المنافسون غالبًا ما تكون متناقضة وغامضة. في حين قد تكون شركة TOYOTA مخطئة بسبب بطء طرحها للسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية – والتي تتصدر عناوين الأخبار في هذه الأثناء مع سيارة لاند كروزر جديدة تعمل بالبنزين – فقد أعلنت جنرال موتورز مؤخرًا عن إلغاء سيارة بولت، وهي السيارة الكهربائية الأقل تكلفة.
ثم استجابت للغضب الشعبي، معلنة أن بولت ذو الحجم المعقول سيعود في وقت ما في مستقبل ضبابي. وفي الوقت نفسه، في وقت سابق قبل نهاية 2023 ، أعلنت جنرال موتورز وفورد أنهما ستنفقان المليارات لتحديث المصانع التي تصنع شاحنات صغيرة وسيارات الدفع الرباعي التي تعمل بالغاز. ويظهر هذا الاستثمار التزامًا طويل الأمد بالسيارات الكبيرة ذات الاحتراق الداخلي. .
تويودا يصدم الأمريكيين بحقيقة سياسات تويوتا
أقوى التصريحات التي تشير بوضوح إلى استراتيجية TOYOTA بعيدة المدى ، ما قاله أكيو تويودا رئيس مجلس الإدارة أمام جمهور في لاس فيغاس في الخريف الماضي من إن متطلبات ولاية كاليفورنيا الخالية من الانبعاثات، والتي تهدف إلى إنهاء مبيعات المركبات الجديدة التي تعمل بالبنزين فقط بحلول عام 2035، سيكون من الصعب تلبيتها.
وفي ديسمبر/كانون الأول، وقبل إعادة تعيينه مباشرة رئيسا لمجلس الإدارة ، اعترف تويودا بأن الضغوط العامة كانت تمنع “الأغلبية الصامتة” من المديرين التنفيذيين من رفض فكرة أن السيارات الكهربائية كانت “الخيار الوحيد” لشركات صناعة السيارات لمعالجة الانبعاثات الكربونية. وقال تويودا عن زملائه من كبار طبقة المسئولين بالشركة: “إنهم يعتقدون أن هذا هو الاتجاه السائد، لذا لا يمكنهم التحدث بصوت عالٍ”.