بوغاتي رويال الكلاسيكية كتبت تاريخ الفخامة في عالم السيارات وذهبت ضحية الاقتصاد
كانت من أعظم السيارات الفاخرة الكلاسيكية هي بوجاتي رويال التي تم تصنيعها في فرنسا على يد فنان ومهندس أيطالي يدعي أيتوري بوجاتي الذي ولد في عام 1881 ودرس العمارة والفنون في ميلانو ولكن عندما أدرك أن شقيقه الأصغر ريمبراندت كان يتمتع بموهبة فنية أفضل منه، توجه لدراسة الهندسة. لم يكن من طبيعة بوجاتي أن يقنع بالمركز الثاني في أي شئ. وقد عمل بوجاتي مستشارا هندسيا لحساب نفسه. وقدم أعمالا كثيرة لشركة دويتز الألمانية. وبحلول عام 1909 ، قام بتصنيع سيارة خفيفة من تصميمه. وبفضل سمعته الطيبة وقوة السيارة التي قام بتصميمها، تمكن بوجاتي من الحصول على دعم مادي لتأسيس شركة لصناعة السيارات تحمل إسمه. وتمكن بالفعل من إختيار موقع الشركة الجديد في إحدى المشاغل القديمة ببلدة مولشيم في فرنسا وكانت حينئذ جزءا من ألمانيا.
السمات الهندسية والتصميمية لسيارات بوغاتي :
ورغم أن الملامح الهندسية لسيارات بوجاتي كانت متحفظة إلى حد بعيد، فإن تلك الملامح كانت فعالة للغاية ولهذا سرعان ما تمتع مصنع بوجاتي بشهرة كبيرة بين عشاق السيارات. وفي عام 1913 شارك بوجاتي في سباق الجائزة الكبرى الفرنسية بسيارة صغيرة مزودة بمحرك 4 سلندرات وفاز بالمركز الثاني وسط ذهول الجميع نظرا لوجود سيارات منافسة بمحركات أكبر سعة واكثر قوة منها . ولكن ساعد أداء سيارة بوجاتي على الطريق في تحقيق تلك النتيجة المبهرة وازدادت شهرة بوجاتي.
خلال فترة الحرب العالمية الأولى، أنتقل بوجاتي إلى فرنسا لأن البلدة التي أقام فيها مصنعه كانت أحد ميادين القتال في تلك الحرب. وخلال تلك الفترة، قام بتصميم محركات الطائرات لحساب الحكومة الفرنسية. وربما أبرز تصميماته في تلك الفترة كان محركا ذي 16 سلندر مقسمة على صفين من السلندرات المثبتة عموديا على خط مستقيم.
بداية جديدة لبوجاتي مع نهاية الحرب العالمية الأولى :
ومع إنتهاء الحرب، عاد بوجاتي لتصنيع سيارات الركوب والسباق في موقع المصنع القديم. وأستمرت سياراته في تحقيق نتائج جيدة بالسباقات. وبحلول عام 1924 قام بتصميم موديل تايب 35 الصغير الذي صار فيما بعد أكثر سيارات السباق نجاحا في تاريخ رياضات السرعة . وتميز هذا الموديل بمحرك منحوت على شكل يشبه الجوهرة وكان ذي ثماني سلندرات مثبتين على خط مستقيم. المميز في هذا الموديل أنه خلال عامي 1925 و1926 تمكن من تحقيق أكثر من ألف فوز في السباقات وكان ذلك إنجازا كبيرا لشركة صغيرة مثل بوجاتي. كانت فترة العشرينيات بمثابة العصر الذهبي لبوجاتي، فخلال تلك الفترة أمكن له تصميم وتصنيع أقوى سيارات شركته على الإطلاق. أما الأهم بين تلك السيارت فكان موديل تايب 41 رويال الذي خطط بوجاتي لإنتاج 25 نسخة منه ولكن لم ينتج منه فعليا سوى ست نسخ فقط. ويشاع أن هناك نسخة سابعة قام بوجاتي بإنتاجها في وقت لاحق.
مولد بوغاتي تايب 41 رويال :
تم الإنتهاء من النموذج التجريبي لهذا الموديل في عام 1927 وكان مجهزا بقاعدة عجلات بلغ طولها 4572 ملليمترا وتم خفض هذا الطول في وقت لاحق بحوالي 254 ملليمترا. كان النموذج التجريبي مزودا بهيكل من صنع شركة باكار. ولكن كانت النسخ النهائية مزودة بهياكل مصنوعة بالطلب وفقا لرغبة العميل. بلغت سعة النموذج التجريبي حوالي 14700 سي سي ولكن قلت تلك السعة في الموديل النهائي إلى 12700 سي سي. وبلغت قوة المحرك الأخير حوالي 300 حصان وكانت قوة لا يستهان بها في ذلك الوقت وكان الحد الأقصى لدوران المحرك يبلغ حوالي 2500 دورة في الدقيقة. ربما اللافت للإنتباه في هذا الموديل هو المقدمة التي وصل طولها إلى 2134 ملليمترا.إنتقلت القوة من هذا المحرك الجبار إلى العجلات الخلفية من خلال ناقل يدوي لثلاث سرعات وكان الغيار الثاني يستخدم للقيادة المباشرة بينما خصص الغيار الثالث للسرعات العالية فقط. بلغ وزن موديل رويال حوالي 3266 كيلوجراما بينما بلغ طول قاعدة العجلات 4318 ملليمترا والطول الإجمالي للموديل سبعة أمتار. وتراوحت السرعة القصوى للموديل ما بين 145 و161 كيلومترا في الساعة. ولكن نشرت بعض المجلات والصحف أرقاما أعلى للسرعة القصوى.
انهيار الاقتصاد العالمي مطلع الثلاثينات أنهى تاريخ بوغاتي رويال :
تم الإنتهاء من تصنيع نسخ موديل رويال بين عامي 1931 و1932 ولسوء الحظ شهدت تلك الفترة إنهيارا إقتصاديا عالميا ولهذا تراجعت الشركة عن خططها لإنتاج 25 نسخة من الموديل. ورغم أن الشركة أعلنت أنها صنعت هذا الموديل للعائلات المالكة في أوروبا، لم تقم أي من تلك العائلات بشراء أي من نسخ الموديل الست. يقال أن بعض المحركات الزائدة التي أنتجتها الشركة تم تركيبها بجرارات السكك الحديدية وسمحت تلك المحركات للجرارات بالوصول لسرعة 190 كيلومترا في الساعة. بل يقال أن إحداها كسر الرقم القياسي للسرعة بين مدينتي ستراسبورج وباريس. كان فشل موديل رويال في تحقيق مكاسب مادية لأيتورى بوجاتي بمثابة صدمة كبيرة خاصة وأنه كان فنانا في المقام الأول ومهندسا في المقام الثاني واضعاً كافة مواهبه الفذه لإنتاج ما أعتبره أفضل سيارة في العالم .ولو كتب لبوجاتي الذي توفى في عام 1947 أن يعيش إلى يومنا هذا لأدرك أنه نجح بالفعل في تصنيع أجمل وأفضل سيارات العالم. فموديل رويال الذي فشل في العشرينيات صار اليوم من أغلى السيارات الكلاسيكية التي سجلت تاريخها بقلم من ذهب .